للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صدقوا في الوفاء له بما وعدوه، من العمل بطاعته واجتناب معاصيه ="ورضوا عنه"، يقول: ورضوا هم عن الله تعالى ذكره في وفائه لهم بما وعدهم على طاعتهم إياه فيما أمرهم ونهاهم، من جزيل ثوابه (١) ="ذلك الفوز العظيم"، يقول: هذا الذي أعطاهم الله من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها، مرضيًّا عنهم وراضين عن ربهم، هو الظفر العظيم بالطَّلِبة، (٢) وإدراك الحاجة التي كانوا يطلبونها في الدنيا، ولها كانوا يعملون فيها، فنالوا ما طلبوا، وأدركوا ما أمَّلوا.

* * *

القول في تأويل قوله: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أيها النصارى،"لله ملك السموات والأرض"، يقول: له سلطان السموات والأرض (٣) ="وما فيهن"، دون عيسى الذين تزعمون أنه إلهكم، ودون أمه، ودون جميع من في السموات ومن في الأرض، فإن السموات والأرض خلق من خلقه وما فيهن، وعيسى وأمُّه من بعض ذلك بالحلول والانتقال، يدلان بكونهما في المكان الذي هما فيه بالحلول فيه والانتقال، أنهما عبدان مملوكان لمن له ملك السموات والأرض وما فيهن. ينبِّههم وجميعَ خلقه على موضع حجته عليهم، ليدَّبروه ويعتبروه فيعقلوا عنه ="وهو على كل شيء


(١) انظر تفسير"الرضا" فيما سلف ٦: ٢٦٢/٩: ٤٨٠/١٠: ١٤٤.
(٢) انظر تفسير"الفوز". فيما سلف ٧: ٤٥٢، ٤٧٢/٨: ٧١.
(٣) انظر تفسير"الملك" فيما سلف ٨: ٤٨٠، تعليق: ٣، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>