غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقول تعالى ذكره: الله ذو عفو عمن ناداك من وراء الحجاب، إن هو تاب من معصية الله بندائك كذلك، وراجع أمر الله في ذلك، وفي غيره; رحيم به أن يعاقبه على ذنبه ذلك من بعد توبته منه.
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ) عن قوم (فَتَبَيَّنُوا) .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (فَتَبَيَّنُوا) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة (فَتَثَبَّتُوا) بالثاء، وذُكر أنها في مصحف عبد الله منقوطة بالثاء. وقرأ ذلك بعض القرّاء فتبيَّنوا بالباء، بمعنى: أمهلوا حتى تعرفوا صحته، لا تعجلوا بقبوله، وكذلك معنى (فَتَثَبَّتُوا) .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وذُكر أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط.
* ذكر السبب الذي من أجله قيل ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا جعفر بن عون، عن موسى بن عبيدة، عن ثابت موْلى أمّ سلمة، عن أمّ سلمة، قالت: " بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقعة، فسمع بذلك القوم، فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: فحدّثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم، فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمون قال: فبلغ القوم رجوعه قال: فأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فصفوا