للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (٧١) }

يقول تعالى ذكره: والذين لا يعبدون مع الله إلها آخر، فيشركون في عبادتهم إياه، ولكنهم يخلصون له العبادة ويفردونه بالطاعة (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) قتلها (إِلا بِالْحَقِّ) إما بكفر بالله بعد إسلامها، أو زنا بعد إحصانها، أو قتل نفس، فتقتل بها (وَلا يَزْنُونَ) فيأتون ما حرم الله عليهم إتيانه من الفروج (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) يقول: ومن يأت هذه الأفعال، فدعا مع الله إلها آخر، وقتل النفس التي حرّم الله بغير الحق، وزنى (يَلْقَ أَثَامًا) يقول: يلق من عقاب الله عقوبة ونكالا كما وصفه ربنا جلّ ثناؤه، وهو أنه (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) ، ومن الأثام قول بَلْعَاءَ بن قيس الكناني:

جَزَى اللهُ ابْنَ عُرْوَةَ حيْثُ أمْسَى ... عُقُوقا والعُقُوقُ لَهُ أثامُ (١)

يعني بالأثام: العقاب.

وقد ذُكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل قوم من المشركين أرادوا الدخول في الإسلام، ممن كان منه في شركه هذه الذنوب، فخافوا أن لا ينفعهم مع ما سلف منهم من ذلك إسلام، فاستفتَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية، يعلمهم أن الله قابل توبة من تاب منهم.


(١) البيت لبلعام بن قيس بن ربيعة بن عبد الله بن يعمر، واسمه حميضة وهو من كنانة بن خزيمة، وكان بلعاء رأس بني كنانة في أكثر حروبهم ومغازيهم، وكان كثير الغارات على العرب، وله أخبار في حروب الفجار. وهو شاعر محسن، قال في كل فن أشعاراً جيادًا (انظر المؤتلف والمختلف ١٠٦ ومعجم الشعراء للمرزباني ٣٥٧) . والبيت أنشده صاحب (اللسان: أثم) ونسبه إلى شافع الليثي. ونسبه أبو عبيدة في مجاز القرآن إلى بلعاء بن قيس الكناني، وعنه أخذ المؤلف قال في اللسان: " قال أبو إسحاق: تأويل الأثام: المجازاة وفال أبو عمرو الشيباني: لقي فلان أثام ذلك: أي جزاء ذلك، فإن الخليل وسيبويه يذهبان إلى أن معناه: يلقى جزاء الأثام. وقول شافع الليثي في ذلك جزى الله ابن عروة...... ... .............. له أثام"
أي عقوبة مجازاة العقوق، وهي قطيعة الرحم. وقال الليث: الأثام في جملة التفسير عقوبة الإثم. وقيل في قوله تعالى {يلق أثاما} قيل: هو واد في جهنم. قال ابن سيده: والصواب عندي: أن معناه: يلق عقاب الأثام. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>