وقوله (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) يقول تعالى ذكره: لمثل هذا الذي أعْطَيتُ هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة، فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون، ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم.
يقول تعالى ذكره: أهذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين الذين وصفت صفتهم من كرامتي في الجنة، ورزقتهم فيها من النعيم خير، أو ما أعددت لأهل النار من الزَّقُّوم. وعُنِي بالنزل: الفضل، وفيه لغتان: نزل ونزل; يقال للطعام الذي له ريع: هو طعام له نزل ونزل. وقوله (أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) ذكر أن الله تعالى لما أنزل هذه الآية قال المشركون: كيف ينبت الشجر في النار، والنار تحرق الشجر؟ فقال الله:(إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) يعني لهؤلاء المشركين الذين قالوا في ذلك ما قالوا، ثم أخبرهم بصفة هذه الشجرة فقال (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَذَلِكَ خَيْرٌ نزلا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) حتى بلغ (فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) قال: لما ذكر شجرة الزقوم افتتن الظلَمة، فقالوا: ينبئكم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، فأنزل الله ما تسمعون: إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم، غُذِيت بالنار ومنها خُلقت.