للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلا (٨٤) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (١) "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك"، فجاهد، يا محمد، أعداء الله من أهل الشرك به ="في سبيل الله"، يعني: في دينه الذي شرعه لك، وهو الإسلام، وقاتلهم فيه بنفسك. (٢)

* * *

فأما قوله:" لا تكلف إلا نفسك" فإنه يعني: لا يكلفك الله فيما فرض عليك من جهاد عدوه وعدوك، إلا ما حمَّلك من ذلك دون ما حمَّل غيرك منه، أي: أنك إنما تُتَّبع بما اكتسبته دون ما اكتسبه غيرك، وإنما عليك ما كُلِّفته دون ما كُلِّفه غيرك. (٣)

* * *

ثم قال له:"وحرض المؤمنين"، يعني: وحضهم على قتال من أمرتك بقتالهم معك ="عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا"، يقول: لعل الله أن يكف قتال من كفر بالله وجحد وحدانيته وأنكر رسالتك، عنك وعنهم، ونكايتهم. (٤)

* * *

وقد بينا فيما مضى أن"عسى" من الله واجبة، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٥)


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "يعني بذلك جل ثناؤه"، والسياق ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"سبيل الله" فيما سلف ٨: ٣٤٧٠، ٥٤٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"التكليف" فيما سلف ٥: ٤٥.
(٤) سياق الكلام"أن يكف ... عنك وعنهم" ثم عطف"ونكايتهم" على قوله: "قتال من كفر بالله".
(٥) لم أجد هذا الموضع الذي أشار الطبري، وأخشى أن لا يكون مضى شيء من ذلك، وأنه قد وهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>