للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت مريم حبيسًا في الكنيسة، ومعها في الكنيسة غُلام اسمه يُوسف، وقد كانَ أمه وأبوه جعلاه نذيرًا حبيسًا، فكانا في الكنيسة جميعًا، وكانت مريم، إذا نَفِدَ ماؤها وماء يوسف، أخذا قُلَّتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء الذي يستعذِبان منه، (١) فيملآن قلتيهما، ثم يرجعان إلى الكنيسة، والملائكة في ذلك مقبلة على مريم:"يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين"، فإذا سمع ذلك زكريا قال: إنّ لابنة عمرانَ لشأنًا.

* * *

القول في تأويل قوله: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله - خبرًا عن قِيل ملائكته لمريم:"يا مريم اقنتي لربك"، أخلصي الطاعة لربك وحده.

* * *

وقد دللنا على معنى"القنوت"، بشواهده فيما مضى قبل. (٢) والاختلافُ بين أهل التأويل فيه في هذا الموضع، نحو اختلافهم فيه هنالك. وسنذكر قول بعضهم أيضًا في هذا الموضع.

فقال بعضهم: معنى"اقنتي"، أطيلي الرُّكود.

ذكر من قال ذلك:

٧٠٣٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى،


(١) يستعذبان: يستقيان، وأصله من قولهم: "استعذب": أي استقى أو طلب ماء عذبًا. وفي الحديث: "أنه كان يستعذب له من بيوت السقيا"، أي يحضر له منها الماء العذب.
(٢) انظر ما سلف ٢: ٥٣٨، ٥٣٩ / ثم ٥: ٢٢٨، ٢٣٧ / ٦: ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>