قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما النّسيء إلا زيادة في الكفر.
* * *
و"النسيء" مصدر من قول القائل: "نسأت في أيامك، ونسأ الله في أجلك"، أي: زاد الله في أيام عمرك ومدة حياتك، حتى تبقى فيها حيًّا. وكل زيادة حدثت في شيء، فالشيء الحادث فيه تلك الزيادة بسبب ما حدث فيه:"نسيء". ولذلك قيل للبن إذا كُثِّر بالماء:"نسيء"، وقيل للمرأة الحبلى:"نَسُوء"، و"نُسِئت المرأة"، لزيادة الولد فيها، وقيل:"نسأتُ الناقة وأنسأتها"، إذا زجرتها ليزداد سيرها.
وقد يحتمل أن:"النسيء"، "فعيل" صرف إليه من "مفعول"، كما قيل:"لعينٌ" و"قتيل"، بمعنى: ملعون ومقتول. ويكون معناه: إنما الشهر المؤخَّر زيادة في الكفر.
وكأنّ القول الأوّل أشبه بمعنى الكلام، وهو أن يكون معناه: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا، زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته.
* * *
وقد كان بعض القرأة يقرأ ذلك:(إِنَّمَا النَّسْيُ) بترك الهمز، وترك مدِّه:(يضل به الذين كفروا) ،.