للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب}

قال أبو جعفر: صَحَّ الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما:-

١٣٤- حدثني به يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: هي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني (١) .

فهذه أسماءُ فاتحة الكتاب.

وسمّيت "فاتحة الكتاب"، لأنها يُفتتح بكتابتها المصاحف، ويُقرأ بها في الصلوات، فهي فَواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتابة والقراءة.

وسمّيت "أم القرآن" لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخُّر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيهٌ بمعنى فاتحة الكتاب. وإنما قيل لها -بكونها كذلك- أمَّ القرآن، لتسمية العرب كل جامع أمرًا -أو مقدِّمٍ لأمر إذا كانت له توابعُ تتبعه، هو لها إمام جامع- "أمًّا". فتقول للجلدة التي تجمع الدُّماغ: "أم الرأس" (٢) . وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها للجيش - "أمًّا". ومن ذلك قول ذي الرُّمة، يصف رايةً معقودة على قناة يجتمع تحتها هو وصحبُه:


(١) الحديث ١٣٤ -رواه أحمد في المسند: ٩٧٨٧ (٣: ٤٤٨ طبعة الحلبي) . والبخاري ٨: ٢٨٩ فتح الباري- كلاهما من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. ولفظ أحمد: "قال في أم القرآن: هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم". ولفظ البخاري: "أم القرآن: هي السبع المثاني، والقرآن العظيم". وذكره ابن كثير في التفسير ١: ٢١، من روايتي المسند والطبري. وذكره السيوطي في الدر المنثور ١: ٣، ونسبه أيضًا للدارمي وأبي داود والترمذي وابن المنذر وغيرهم. وسيذكره الطبري مرة أخرى، في تفسير الآية ٨٧ من سورة الحجر (١٤: ٤٠- ٤١ من طبعة بولاق) ، بهذا الإسناد.
(٢) في المخطوطة: "تلي للدماغ"، وهذه أجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>