وإنما قلنا القول الأوّل لأن قوله:(وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ) عقيب قوله: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ) ... الآية، فكان ذلك بأن يكون من تمام قصة ما وليه وقرب منه أولى بأن يكون من تمام خبر ما بعد عنه.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيلهم:(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ) وهم المسلمون العاملون بطاعة الله (وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ) يقول: ومنا دون الصالحين (كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) يقول: وأنا كنا أهواء مختلفة، وفِرَقا شتى، منا المؤمن والكافر. والطرائق: جمع طريقة، وهي طريقة الرجل ومذهبه. والقِدد: جمع قدّة، وهي الضروب والأجناس المختلفة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، في قوله:(طَرَائِقَ قِدَدًا) يقول: أهواء مختلفة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) يقول: أهواء شتى، منا المسلم، ومنا المشرك.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:(كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) كان القوم على أهواء شتى.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (طَرَائِقَ قِدَدًا) قال: أهواء.
حدثني ابن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: