للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلِي لَدَى جَنْبِ غَرْزِها ... نَسيِفا كأفحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ (١)

والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما لغتان معروفتان من لغات العرب بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني أختار قراءته بتشديد التاء على لافتعلت، لأنها أفصح اللغتين وأشهرهما، وأكثرهما على ألسن العرب.

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٧٨) }

يقول تعالى ذكره: قال صاحب موسى لموسى: هذا الذي قلته وهو قوله (لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) يقول: فرقة ما بيني وبينك: أي مفرق بيني وبينك

(سَأُنَبِّئُكَ) يقول: سأخبرك (بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) يقول: بما يئول إليه عاقبة أفعالي التي فعلتها، فلم تستطع على تَرك المسألة عنها، وعن النكير علي فيها صبرا، والله أعلم.

القول في تأويل قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩) }

يقول: أما فعلي ما فعلت بالسفينة، فلأنها كانت لقوم مساكين (يَعْمَلُونَ


(١) البيت للممزق العبدي، واسمه شأس بن نهار، شاعر جاهلي قديم. وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (١: ٤١١) قال: " لو شئت لتخذت عليه أجرا ": الخاء مكسورة، ومعناها معنى أخذت، فكان مخرجها مخرج فعلت تفعل (من باب فرح يفرح) قال الممزق العبدي (من عبد القيس) : " وقد تخذت رجلي. . . البيت ". وفي اللسان: والغرز للجمل مثل الركاب للبغل، وهو ما يضع الراكب فيه قدمه عند الركوب. والأفحوص: مجثم القطاة، لأنها تفحص الموضع، ثم تبيض فيه، وكذلك هو للدجاجة، قال الممزق العبدي: " وقد تذت رجلي. . . " البيت. والنسيف: أثر عض الغرز في جنب الناقة، من عضة أو انحصاص وبر. والمطرق من وصف القطاة. يقال: طرقت المرأة وكل حامل تطرق: إذا خرج من الولد نصفه ثم نشب فيقال: طرقت ثم خلصت. وقيل التطريق للقطاة إذا فحصت للبيض، كأنها تجعل له طريقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>