للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين عبدوا الأصنام من دونه، معرِّفَهم جهل ما هم عليه مقيمون: ألأصنامكم هذه، أيها القوم = (أرجل يمشون بها) ، فيسعون معكم ولكم في حوائجكم، ويتصرفون بها في منافعكم = (أم لهم أيد يبطشون بها) ، فيدفعون عنكم وينصرونكم بها عند قصد من يقصدكم بشرّ ومكروهٍ = (أم لهم أعين يبصرون بها) ، فيعرفونكم ما عاينوا وأبصروا مما تغيبون عنه فلا ترونه = (أم لهم آذان يسمعون بها) ، فيخبروكم بما سمعوا دونكم مما لم تسمعوه؟

يقول جل ثناؤه: فإن كانت آلهتكم التي تعبدونها ليس فيها شيء من هذه الآلات التي ذكرتُها، والمعظَّم من الأشياء إنما يعظَّم لما يرجى منه من المنافع التي توصل إليه بعض هذه المعاني عندكم، فما وجه عبادتكم أصنامكم التي تعبدونها، وهي خالية من كل هذه الأشياء التي بها يوصل إلى اجتلاب النفع ودفع الضر؟

وقوله: (قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون) ، [قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان: ادعوا شركاءكم الذين جعلتموهم لله شركاء في العبادة = (ثم كيدون) ، (١) ] أنتم وهي (٢) (فلا تنظرون) ، يقول: فلا تؤخرون بالكيد والمكر، (٣) ولكن عجِّلوا بذلك. يُعْلِمه جل ثناؤه بذلك أنهم لن يضروه، وأنه قد عصمه منهم، ويُعَرِّف الكفرة به عجز أوثانهم عن نصرة من بغى أولياءهم بسوء.

* * *


(١) هذه العبارة التي بين الأقواس، استظهرتها من سياق الآية والتفسير، وظاهر أنها قد سقطت من الناسخ، وأن الكلام بغيرها، أو بغير ما يقوم ما مقامها، لا يستقيم.
(٢) في المطبوعة: ((أنتم وهن)) ، وأثبت ما في المخطوطة. ثم انظر تفسير ((الكيد)) فيما سلف ص ٢٨٨، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير ((الإنظار)) فيما سلف ١٢: ٣٣١، تعليق: ١، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>