للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ قرأة العراق وبعض المكيين: (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) ، بمعنى: إن دعاءك.

* * *

قال أبو جعفر: وكأنَّ الذين قرأوا ذلك على التوحيد، رأوا أن قراءته بالتوحيد أصحُّ، لأن في التوحيد من معنى الجمع وكثرة العدد ما ليس في قوله: (إن صلواتك سكن لهم) ، إذ كانت "الصلوات"، هي جمع لما بين الثلاث إلى العشر من العدد، دون ما هو أكثر من ذلك. والذي قالوا من ذلك، عندنا كما قالوا، وبالتوحيد عندنا القراءةُ لا العلة، لأن ذلك في العدد أكثر من "الصلوات"، (١) ولكن المقصود منه الخبر عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصلواته أنه سكن لهؤلاء القوم، (٢) لا الخبر عن العدد. وإذا كان ذلك كذلك، كان التوحيد في "الصلاة" أولى.

* * *

القول في تأويل قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) }

قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله تعالى ذكره، أخبر به المؤمنين به: أن قبول توبة من تاب من المنافقين، وأخذ الصدقة من أموالهم إذا أعطوها، ليسا إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم = وأن نبيَّ الله حين أبى أن يطلق من ربط نفسه بالسواري من المتخلفين عن الغزو معه، وحين ترك قبول صدقتهم بعد أن أطلق الله عنهم حين أذن له في ذلك، إنما فعل ذلك من أجل أن ذلك لم يكن إليه صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك إلى الله تعالى ذكره دون محمد، وأن محمدًا إنما يفعل ما يفعل من تركٍ وإطلاقٍ


(١) في المطبوعة: " وبالتوحيد عندنا القراءة لا لعلة أن ذلك في العدد. . . "، غير ما في المخطوطة، وهو صواب محض.
(٢) في المطبوعة: " وصلاته "، وأثبت ما في المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>