للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخذِ صدقةٍ وغير ذلك من أفعاله بأمر الله. فقال جل ثناؤه: ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد مع المؤمنين، الموثقو أنفسهم بالسواري، القائلون: "لا نُطلق أنفسنا حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقنا"، السَّائلو رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أخذَ صدقة أموالهم، أنَّ ذلك ليس إلى محمد، وأن ذلك إلى الله، وأن الله هو الذي يقبل توبة من تاب من عباده أو يردُّها، ويأخذ صدقة من تصدَّق منهم أو يردُّها عليه دون محمد، فيوجِّهوا توبتهم وصدقتهم إلى الله، ويقصدوا بذلك قصدَ وجهه دون محمد وغيره، ويخلصوا التوبة له، ويريدوه بصدقتهم، ويعلموا أن الله هو التواب الرحيم؟ = يقول: المراجع لعبيده إلى العفو عنه إذا رجعوا إلى طاعته، الرحيم بهم إذا هم أنابوا إلى رضاه من عقابه. (١)

* * *

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما: -

١٧١٦٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قال الآخرون = يعني الذين لم يتوبوا من المتخلفين: هؤلاء، يعني الذين تابوا، كانوا بالأمس معنا لا يكلَّمون ولا يجالَسون، فما لهم؟ فقال الله: (إن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) . (٢)

١٧١٦٣- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني رجل كان يأتي حمادًا ولم يجلس إليه = قال شعبة: قال العوام بن حوشب: هو قتادة، أو ابن قتادة، رجل من محارب = قال: سمعت عبد الله بن السائب = وكان جاره = قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: ما من عبدٍ تصدق بصدقة إلا وقعت في يد الله، فيكون هو الذي يضعُها في يد السائل. وتلا هذه الآية: (هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) . (٣)


(١) انظر تفسير " التوبة "، " التواب "، " الرحيم "، فيما سلف من فهارس اللغة (توب) ، (رحم) .
(٢) انظر تفسير " التوبة "، " التواب "، " الرحيم "، فيما سلف من فهارس اللغة (توب) ، (رحم) .
(٣) الأثر: ١٧١٦٣ - " قتادة "، أو " ابن قتادة "، رجل من محارب. لم أجده هكذا.
ولم أجد أحدًا تكلم في أمره أو ذكره. وصريح هذا الإسناد يدل على أن " قتادة " أو " ابن قتادة " المحاربي، هذا، هو الذي أخبر شعبة، وهو الذي كان يأتي حمادًا، ولم يجلس إليه، وأنه هو الذي سمع من عبد الله بن السائب، وكان جاره، وأن " عبد الله بن السائب " هو الذي سمع من عبد الله ابن مسعود. وهذا إشكال:
فإن " عبد الله بن السائب "، هو " عبد الله بن السائب الكندي "، روى عن أبيه، وزادان الكندي. وعبد الله بن معقل بن مقرن، وعبد الله بن قتادة المحاربي (كما سيأتي في الآثار التالية) . وروى عنه الأعمش، وأبو إسحاق الشيباني، والعوام بن حوشب، وسفيان الثوري. وهو ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ \ ٢ \ ٧٥، ولم يذكروا له رواية عن ابن مسعود كما ترى، بل ذكروا روايته عن " عبد الله بن قتادة المحاربي "، كما سيأتي في الآثار التالية.
فأنا أخشى أن يكون في إسناد هذا الخبر شيء، بدلالة الآثار التي تليه، وهي مستقيمة على ما ذكر في كتب الرجال، وأخشى أن يكون شعبة سمعه عن رجل كان يأتي حمادًا ولم يجلس إليه، عن عبد الله بن السائب، عن قتادة، أو ابن قتادة، رجل من محارب = ثم سمعه من العوام بن حوشب، عن عبد الله بن السائب، عن قتادة، أو قتادة، رجل من محارب = وأن يكون الناسخ قد أفسد الإسناد. وانظر الكلام على " عبد الله بن أبي قتادة المحاربي " أو " عبد الله بن قتادة " في التعليق على الآثار التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>