يقول تعالى ذكره: ولقد وصلنا يا محمد، لقومك من قريش ولليهود من بني إسرائيل القول بأخبار الماضين والنبأ عما أحللنا بهم من بأسنا، إذ كذّبوا رسلنا، وعما نحن فاعلون بمن اقتفى آثارهم، واحتذى في الكفر بالله، وتكذيب رسله مثالهم، ليتذكروا فيعتبروا ويتعظوا. وأصله من: وصل الحبال بعضها ببعض; ومنه قول الشاعر:
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم ببيانهم عن تأويله، فقال بعضهم: معناه: بيّنا. وقال بعضهم: معناه: فصلنا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن ليث، عن مجاهد، قوله:(وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ) قال: فصلنا لهم القول.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ) قال: وصل الله لهم القول في هذا القرآن، يخبرهم كيف صنع بمن مضي، وكيف هو صانع (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) .
حدثنا القاسم، قال: ثنا محمد بن عيسى أبو جعفر، عن سفيان بن عيينة: وصلنا: بيَّنا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:(وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ) الخبر، خبر الدنيا بخبر الآخرة، حتى كأنهم عاينوا الآخرة، وشهدوها في الدنيا، بما نريهم من الآيات في الدنيا وأشباهها. وقرأ:(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ) وقال: إنا سوف ننجزهم ما وعدناهم في الآخرة كما أنجزنا للأنبياء ما وعدناهم نقضي بينهم وبين قومهم.
(١) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة، الورقة ١٨١ب) قال: (ولقد وصلنا لهم القول) أي أتممناه. وفي (اللسان: وصل) . وفي التنزيل العزيز: (ولقد وصلنا لهم القول) : أي وصلنا ذكر الأنبياء وأقاصيص من مضى: بعضها ببعض. والذمة: العهد. والحبل: العهد. وقوله "ما يزال يوصل" أي قد رث وبلي، ويجدد ما بلي منه، حتى كثر فيه الترقيع.