وقال جل ثناؤه"إنّ في ذلك"، يعني: إن فيما فعلنا بهؤلاء الذين وصفنا أمرهم: من تأييدنا الفئة المسلمة مع قلة عددها، على الفئة الكافرة مع كثرة عددها ="لعبرة"، يعني: لمتفكرًا ومتَّعظًا لمن عقل وادّكر فأبصر الحق، كما:-
٦٦٩٢ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"إن في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار"، يقول: لقد كان لهم في هؤلاء عبرة وتفكر، أيَّدهم الله ونصرهم على عدوّهم.
٦٦٩٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
* * *
القول في تأويل قوله:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ}
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: زُيِّن للناس محبة ما يشتهون من النساء والبنين وسائر ما عدّ. وإنما أراد بذلك توبيخ اليهود الذين آثرُوا الدنيا وحبَّ الرياسة فيها، على اتباع محمد صلى الله عليه وسلم بعد علمهم بصدقه.
* * *
وكان الحسن يقول: منْ زَيْنِها، ما أحدٌ أشدّ لها ذمًّا من خالقها. (١)
٦٦٩٤ - حدثني بذلك أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا أبو الأشعث عنه.
(١) في القرطبي ٤: ٢٨: "من زينها؟ " استفهام"زينها" فعل. ولم أجد خبر الحسن، ولكني أذكر كأني قرأته قديمًا، وهو يسخر من أمر الدنيا، ويقول: من حسنها، أن الذي يذمها ويقبحها هو الذي خلقها! و"الزين" خلاف الشين، مصدر"زان الشيء يزينه زينًا".