للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون أي: إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس = لن يضرك خذلان من خذلك، وإن يخذلك فلن ينصرك الناس ="فمن الذي ينصركم من بعده أي: لا تترك أمري للناس، وارفض [أمر] الناس لأمري، وعلى الله، [لا على الناس] ، فليتوكل المؤمنون. (١)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}

اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته جماعة من قرأة الحجاز والعراق: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) ، بمعنى: أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم من أموال أعدائهم. واحتجَّ بعض قارئي هذه القراءة: أنّ هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قطيفة فُقدت من مغانم القوم يوم بدر، فقال بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم:"لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها! "، ورووا في ذلك روايات، فمنها ما:-

٨١٣٦- حدثنا به محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا خصيف قال، حدثنا مقسم قال، حدثني ابن عباس: أن هذه الآية:"وما كان لنبيّ أن يغل"، نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، قال: فقال بعض الناس: أخذها! قال: فأكثروا في ذلك، فأنزل الله عز وجل:"وما كان لنبي أن يغل ومن يغلُل يأت بما غل يوم القيامة". (٢)

٨١٣٧- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا


(١) الأثر: ٨١٣٥- سيرة ابن هشام ٣: ١٢٤، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٨١٣٢، بيد أنه في سيرة ابن هشام مختصر. لم يرو ابن هشام صدر هذا الخبر، بل بدأ من قوله: "أي: لا تترك"، وقد أخطأ الناسخ فيما أرجح فسقط منه ما أثبت من سيرة ابن هشام بين الأقواس.
(٢) الأثر: ٨١٣٦-"محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي الأموي"، روى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، قال النسائي: "لا بأس به"، وهو ثقة جليل صدوق. و"عبد الواحد بن زياد العبدي" أحد الأعلام سلفت ترجمته في: ٢٦١٦. و"خصيف بن عبد الرحمن الجزري"، رأى أنسًا، وروي عن عطاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومقسم وغيرهم. قال أحمد"ضعيف الحديث"، وقال: "شديد الاضطراب في المسند". وقال ابن عدي: "إذا حدث عن خصيف ثقة، فلا بأس بحديثه". وقال ابن حبان: "تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون، وكان شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروى، وينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته، إلا أن الإنصاف فيه، قبول ما وافق الثقات، وترك ما لم يتابع عليه". مترجم في التهذيب.
والحديث رواه الترمذي في باب تفسير القرآن، من طريق قتيبة، عن عبد الواحد بن زياد، بمثله وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وقد روى عبد السلام بن حرب عن خصيف نحو هذا، وروى بعضهم هذا الحديث عن خصيف عن مقسم، ولم يذكر فيه ابن عباس" - يعني مرسلا. ونسبه ابن كثير في تفسيره ٢: ٢٧٩، إلى أبي داود أيضًا، ونسبه السيوطى في الدر المنثور ٢: ٩١ إلى أبي داود، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والترمذي، وابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>