وقال آخرون: بل معنى ذلك: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم، ثم تولّ عنهم، فكن قريبا منهم، وانظر ماذا يرجعون; قالوا: وفعل الهدهد، وسمع مراجعة المرأة أهل مملكتها، وقولها لهم:(إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، قوله:(فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) أي كن قريبا (فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) وهذا القول أشبه بتأويل الآية؛ لأن مراجعة المرأة قومها، كانت بعد أن ألقي إليها الكتاب، ولم يكن الهدهد لينصرف وقد أمر بأن ينظر إلى مراجعة القوم بينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سليمان.
يقول تعالى ذكره: فذهب الهدهد بكتاب سليمان إليها، فألقاه إليها فلما قرأته قالت لقومها:(يَاأَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، قال: كتب -يعني سليمان بن داود- مع الهدهد: بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن داود، إلى بلقيس بنت ذي سرح وقومها، أما بعد، فلا تعلو عليّ، وأتوني مسلمين، قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله، فانطلق به حتى أتاها، وكانت لها كوّة في بيتها إذا طلعت الشمس نظرت إليها، فسجدت لها، فأتى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتى ارتفعت الشمس ولم تعلم، ثم ألقى الكتاب من الكوّة، فوقع عليها في مكانها الذي هي فيه، فأخذته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن