نظير قول الله:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) . وقيل: عنى بقوله: (الشُّهَدَاءِ) : الذين قتلوا في سبيل الله، وليس لما قالوا من ذلك في هذا الموضع كبير معنى، لأن عقيب قوله:(وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) ، وفي ذلك دليل واضح على صحة ما قلنا من أنه إنما دعى بالنبيين والشهداء للقضاء بين الأنبياء وأممها، وأن الشهداء إنما هي جمع شهيد، الذين يشهدون للأنبياء على أممهم كما ذكرنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ) فإنهم ليشهدون للرسل بتبليغ الرسالة، وبتكذيب الأمم إياهم.
* ذكر من قال ما حكينا قوله من القول الآخر:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ) : الذين استشهدوا في طاعة الله.
وقوله:(وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) يقول تعالى ذكره: وقضي بين النبيين وأممها بالحقّ، وقضاؤه بينهم بالحقّ، أن لا يحمل على أحد ذنب غيره، ولا يعاقب نفسا إلا بما كسبت.