القول في تأويل قوله:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: "قل"، يا محمد للناس كلهم= "إنّي رسول الله إليكم جميعًا"، لا إلى بعضكم دون بعض، كما كان من قبلي من الرُّسل، مرسلا إلى بعض الناس دون بعض. فمن كان منهم أرسل كذلك، فإن رسالتي ليست إلى بعضكم دون بعض، ولكنها إلى جميعكم.
وقوله:"الذي"، من نعت اسم "الله" وإنما معنى الكلام: قل: يا أيها الناس إني رسول الله، الذي له ملك السموات والأرض، إليكم.
ويعني جل ثناؤه بقوله:"الذي له ملك السموات والأرض"، الذي له سلطان السَّموات والأرض وما فيهما، وتدبير ذلك وتصريفه (١) = "لا إله إلا هو"، يقول: لا ينبغي أن تكون الألوهة والعِبادة إلا له جل ثناؤه، دون سائر الأشياء غيره من الأنداد والأوثان، إلا لمن له سلطان كل شيء، والقادر على إنشاء خلق كل ما شاء وإحيائه، وإفنائه إذا شاء إماتته = "فآمنوا بالله ورسوله"، يقول جل ثناؤه: قل لهم: فصدِّقوا بآيات الله الذي هذه صفته، وأقِرُّوا بوحدانيته، وأنه الذي له الألوهة والعبادة، وصدقوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنَّه مبعوث إلى خلقه، داع إلى توحيده وطاعته.
* * *
(١) (١) انظر تفسير ((الملك)) فيما سلف من فهارس اللغة (ملك) .