للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ارتبط عدوهم لهم خيلهم، (١) ثم استعمل ذلك في كل مقيم في ثغر يدفع عمن وراءه من أراده من أعدائهم بسوء، ويحمي عنهم من بينه وبينهم ممن بغاهم بشر، كان ذا خيل قد ارتبطها، أو ذا رَجْلة لا مركب له. (٢)

* * *

وإنما قلنا معنى:"ورابطوا"، ورابطوا أعداءكم وأعداء دينكم، لأن ذلك هو المعنى المعروف من معاني"الرباط". وإنما يوجه الكلام إلى الأغلب المعروف في استعمال الناس من معانيه، دون الخفي، حتى تأتي بخلاف ذلك مما يوجب صرفه إلى الخفي من معانيه= حجة يجب التسليم لها من كتاب، أو خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إجماع من أهل التأويل. (٣)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره:"واتقوا الله"، أيها المؤمنون، واحذروه أن تخالفوا أمره أو تتقدموا نهيه (٤) ="لعلكم تفلحون"، يقول: لتفلحوا فتبقوا في نعيم الأبد، وتنجحوا في طلباتكم عنده، (٥) كما:-


(١) في المخطوطة: "كما ارتبط عددهم لهم حملهم"، ولعل صواب قراءتها"جيادهم"، ولكني تركت ما في المطبوعة على حاله، فهو صواب حسن.
(٢) "الرجلة" (بضم الراء وسكون الجيم) : المشي راجلا غير راكب.
(٣) قوله: "حجة"، فاعل قوله: "حتى تأتي بخلاف ذلك..". وكان في المطبوعة والمخطوطة: "حتى يأتي بخلاف ذلك ما يوجب صرفه ... "، والصواب"مما يوجب" كما أثبتها، وفي المطبوعة أيضا: "إلى الخفي من معاينة"، وهو خطأ ظاهر.
(٤) في المطبوعة: "وتتقدموا" بالواو، والصواب من المخطوطة. وقوله: "تتقدموا نهيه" هكذا جاء متعديا، وكأنه أراد: أو تسبقوا نهيه، وسبقهم نهيه. أن يخاطروا بالإسراع إلى المحارم بشهواتهم، قبل أن يردهم نهي الله عن إتيانها.
(٥) انظر تفسير"لعل" فيما سلف ١: ٣٦٤، ٣٦٥، ومواضع أخرى كثيرة. وانظر تفسير"الفلاح" فيما سلف ١: ٢٤٩، ٢٥٠ / ٣: ٥٦١ / ٧: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>