عن حبيب بن أبي الشعثاء، قال: كنت جالسا مع حُذيفة وعبد الله بن مسعود، فقال حُذيفة: ذهب النفاق، وإنما كان النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو الكفر بعد الإيمان، قال: فضحك عبد الله، فقال: لم تقول ذلك؟ قال: علمت ذلك، قال:(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ) ... حتى بلغ آخرها.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، قال: ثنا شعبة، عن أبي الشعثاء، قال: قعدت إلى ابن مسعود وحُذيفة، فقال حذيفة: ذهب النفاق فلا نفاق، وإنما هو الكفر بعد الإيمان، فقال عبد الله: تعلم ما تقول؟ قال: فتلا هذه الآية (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) ... حتى بلغ:(فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) قال: فضحك عبد الله، قال: فلقيت أبا الشعثاء بعد ذلك بأيام، فقلت: من أي شيء ضحك عبد الله؟ قال: لا أدري، إن الرجل ربما ضحك من الشيء الذي يعجبه، وربما ضحك من الشيء الذي لا يعجبه، فمن أي شيء ضحك؟ لا أدري. والذي قاله أبو العالية من التأويل أشبه بتأويل الآية، وذلك أن الله وعد الإنعام على هذه الأمة بما أخبر في هذه الآية، أنه منعم به عليهم، ثم قال عقيب ذلك: فمن كفر هذه النعمة بعد ذلك (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) .
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله:(يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) قال: تلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد (أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) قال: لا يخافون غيري.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧) }
يقول تعالى ذكره:(وأقيموا أَيُّهَا النَّاسُ الصلاة) بحدودها، فلا تضيعوها، (وَآتُوا الزَّكَاةَ) التي فرضها الله عليكم أهلها، وأطيعوا رسول ربكم فيما أمركم ونهاكم (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يقول: كي يرحمكم ربكم، فينجيكم من عذابه، وقوله:(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ) يقول تعالى ذكره: لا تحسبن يا محمد، الذين كفروا بالله معجزيه في الأرض إذا أراد إهلاكهم (ومأواهم) بعد هلاكهم (النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ)