الأجناس أو أكثرها لغيرهم؟ قيل: لأنه تفريق ما هو داخلٌ في قوله: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) وكان داخلا في ذلك الناس وغيرهم، ثم قال:(فمنهم) ، لاجتماع الناس والبهائم وغيرهم في ذلك واختلاطهم، فكنى عن جميعهم كنايته عن بني آدم، ثم فسرهم ب"مِنْ"، إذ كان قد كنى عنهم كناية بني آدم خاصة (يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) يقول: يحدث الله ما يشاء من الخلق (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقول: إن الله على إحداث ذلك وخلقه، وخلق ما يشاء من الأشياء غيره، ذو قدرة لا يتعذّر عليه شيء أراد.
القول في تأويل قوله تعالى: {لَقَدْ أَنزلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦) }
يقول تعالى ذكره: لقد أنزلنا أيها الناس علامات واضحات دالات على طريق الحقّ وسبيل الرشاد (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) يقول: والله يرشد من يشاء من خلقه بتوفيقه، فيهديه إلى دين الإسلام، وهو الصراط المستقيم والطريق القاصد الذي لا اعوجاج فيه.
يقول تعالى ذكره: ويقول المنافقون: صدّقنا بالله وبالرسول، وأطعنا الله وأطعنا الرسول (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يقول: ثم تدبر كلّ طائفة منهم من بعد ما قالوا هذا القول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتدعو إلى المحاكمة إلى غيره خصمها (وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) يقول: وليس قائلو هذه المقالة، يعني قوله:(آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا) بالمؤمنين؛ لتركهم الاحتكام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعراضهم عنه إذا دعوا إليه. وقوله:(وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ) يقول: وإذا دعي هؤلاء المنافقون إلى كتاب الله وإلى رسوله (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) فيما اختصموا فيه بحكم الله (إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) عن قبول الحقّ، والرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ