للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتقون يقول: للذين يخشون الله فيتقونه بطاعته واجتناب معاصيه، والمسارعة إلى رضاه ="أفلا تعقلون يقول: أفلا يعقل هؤلاء المكذّبون بالبعث حقيقةَ ما نخبرهم به، من أن الحياة الدنيا لعب ولهوٌ، وهم يرون من يُخْتَرم منهم، (١) ومن يهلك فيموت، ومن تنوبه فيها النوائب وتصيبُه المصائب وتفجعه الفجائع. ففي ذلك لمن عقل مدَّكر ومزدجر عن الركون إليها، واستعباد النفس لها = ودليلٌ واضح على أن لها مدبِّرًا ومصرفًا يلزم الخلقَ إخلاصُ العبادة له، بغير إشراك شيءٍ سواه معه.

* * *

القول في تأويل قوله: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"قد نعلم"، يا محمد، إنه ليحزنك الذي يقول المشركون، وذلك قولهم له: إنه كذّاب ="فإنهم لا يكذبونك".

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك

[فقرأته جماعة من أهل الكوفة: (فَإنَّهُمْ لا يُكْذِبونَكَ) بالتخفيف] ، (٢) بمعنى: إنهم لا يُكْذِبونك فيما أتيتهم به من وحي الله، ولا يدفعون أن يكون ذلك صحيحًا، بل يعلمون صحته، ولكنهم يجحَدون حقيقته قولا فلا يؤمنون به.

* * *


(١) "اخترم الرجل" (بالبناء للمجهول) و"اخترمته المنية من بين أصحابه"، أخذته من بينهم وخلا منه مكانه، كأن مكانه صار خرمًا في صفوفهم.
(٢) هذه الزيادة بين القوسين، ساقطة من المخطوطة والمطبوعة، ولكن زيادتها لا بد منها، واستظهرتها من نسبة هذه القراءة، فهي قراءة علي ونافع والكسائي. انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣١، وتفسير أبي حيان ٤: ١١١، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>