يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم للرسل من الملائكة إذ قالوا له: (إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ) فلم يستثنوا منهم أحدا، إذ وصفوهم بالظلم:(إنَّ فِيهَا لُوطًا) ، وليس من الظالمين، بل هو من رسل الله، وأهل الإيمان به، والطاعة له، فقالت الرسل له:(نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا) من الظالمين الكافرين بالله منك، وإن لوطا ليس منهم، بل هو كما قلت من أولياء الله، (لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) من الهلاك الذي هو نازل بأهل قريته (إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الذين أبقتهم الدهور والأيام، وتطاولت أعمارهم وحياتهم، وإنها هالكة من بين أهل لوط مع قومها.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٣) }
يقول تعالى ذكره:(وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا) من الملائكة (سِيءَ بِهِمْ) يقول: ساءته الملائكة بمجيئهم إليه، وذلك أنهم تَضَيفوه، فساءوه بذلك، فقوله:(سِيءَ بِهِمْ) : فُعِلَ بهم مِنْ ساءه بذلك.
وذُكر عن قتادة أنه كان يقول: ساء ظنه بقومه، وضاق بضيفه ذَرْعا.
حدثنا بذلك الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعمَر عنه (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعا) يقول: وضاق ذرعه بضيافتهم لما علم من خُبث فعل قومه.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله:(وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا) قال: بالضيافة مخافة عليهم مما يعلم من شرّ قومه.
وقوله:(وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ) يقول تعالى ذكره: قالت الرسل للوط: