يكون كالدعاء له، كقوله: فسُقيًا لك من الرجال. قال: وإن رفعت السلام فهو دعاء، والله أعلم بصوابه.
وقال آخر منهم قوله:(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فإنه جمع بين جوابين، ليعلم أن أمَّا جزاء: قال: وأما قوله: (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) قال: وهذا أصل الكلمة مسلم لك هذا، ثم حذفت "أن" وأقيم "مِنْ" مَقامها. قال: وقد قيل: فسلام لك أنت من أصحاب اليَمِين، فهو على ذاك: أي سلام لك، يقال: أنت من أصحاب اليمين، وهذا كله على كلامين.
قال: وقد قيل مسلم: أي كما تقول: فسلام لك من القوم، كما تقول: فسُقيًا لك من القوم، فتكون كلمة واحدة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: معناه: فسلام لك إنك من أصحاب اليمين، ثم حُذفت واجتزئ بدلالة مِنْ عليها منها، فسلمت من عذاب الله، ومما تكره، لأنك من أصحاب اليمين.
وقوله:(وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنزلٌ مِنْ حَمِيمٍ) يقول تعالى: وأما إن كان الميت من المكذّبين بآيات الله، الجائرين عن سبيله، فله نزل من حميم قد أغلي حتى انتهى حرّه، فهو شرابه. (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) يقول: وحريق النار يحرق بها؛ والتصلية: التفعلة من صلاة الله النار فهو يصليه تصلية، وذلك إذا أحرقه بها.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦) }
يقول تعالى ذكره: إن هذا الذي أخبرتكم به أيها الناس من الخبر عن المقرّبين وأصحاب اليمين، وعن المكذّبين الضالين، وما إليه صائرة أمورهم (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) يقول: لهو الحقّ من الخبر اليقين لا شكّ فيه.