حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسياط، عن السدي (فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي) يقول: كيما يصدّقني.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:(رِدْءًا يُصَدِّقُنِي) يقول: كيما يصدّقني. والردء قي كلام العرب: هو العون، يقال منه: قد أردأت فلانا على أمره: أي أكفيته وأعنته.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله:(يُصَدِّقُنِي) فقرأته عامة قراء الحجاز والبصرة: "رِدْءًا يُصَدِّقْنِي" بجزم يصدقني. وقرأ عاصم وحمزة:"يَصْدُقُنِي" برفعه، فمن رفعه جعله صلة للردء، بمعنى: فأرسله معي ردءًا من صفته يصدّقني; ومَن جزمه جعله جوابا لقوله: فأرسله، فإنك إذا أرسلته صدّقني على وجه الخبر. والرفع في ذلك أحبّ القراءتين إليّ، لأنه مسألة من موسى ربه أن يرسل أخاه عونا له بهذه الصفة.
وقوله:(إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) يقول: إني أخاف أن لا يصدقون على قولي لهم: إني أرسلت إليكم.
يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ) ; أي نقوّيك ونعينك بأخيك. تقول العرب إذا أعزّ رجل رجلا وأعانه ومنعه ممن أراده بظلم: قد شدّ فلان على عضد فلان، وهو من عاضده على أمره: إذا أعانه، ومنه قول ابن مقبل:
(١) البيت لتميم بن مقبل، قاله المؤلف نقلا عن مجاز القرآن لأبي عبيدة، قال: (سنشد عضدك بأخيك) : أي سنقويك به ونعينك به. يقال إذا أعز رجل رجلا ومنعه: قد شد فلان على عضد فلان. وهو من عاضدته على أمره، أي عاونته عليه وآزرته. قال ابن مقبل: "عاضدته.. بات مكنونًا" يعني قوسًا، أي عاضدها بسهم. اه. انظر المصورة (رقم ٢٦٠٥٩ بجامعة القاهرة) والعتود: السدرة أو الطلحة، ولعل سهم ابن مقبل كان من شجر السدر أو الطلح. والمعتك إما من اعتلث الزند إذا لم يور، فهو حينئذ بكسر اللام، وإما من اعتلث الرجل زندًا: أخذه من شجر لا يدري أيوري أم يصلد. وقال أبو حنيفة: اعتلث زنده إذا اعترض الشجر اعتراضًا، فاتخذه مما وجد والغين لغة عنه أيضًا. وهو حينئذ بفتح اللام. والوقف من العاج: كهيئة السوار، يريد ما في السهم من خطوط سود سمة له كالتي تكون في الوقف من العاج، وقوله: "بات مكنونا" هذه رواية أبي عبيدة، ولعل ما في الأصل تحريف من الناسخ. ومعناه أن السهم قد أعد وهيئ ووضع في الكنانة، وهي جعبة السهام، وبقي فيها إلى أن ركب في القوس.