قريش من إهلاكناهم بذنوبهم فعلنا بهم بأنهم كانت تأتيهم رسل الله إليهم بالبيّنات، يعني بالآيات الدالات على حقيقة ما تدعوهم إليه من توحيد الله، والانتهاء إلى طاعته (فَكَفَرُوا) يقول: فانكروا رسالتها، وجحدوا توحيد الله، وأبوا أن يطيعوا الله (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ) يقول: فأخذهم الله بعذابه فأهلكهم (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) يقول: إن الله ذو قوّة لا يقهره شيء، ولا يغلبه، ولا يعجزه شيء أراده، شديد عقابه من عاقب من خلقه، وهذا وعيد من الله مشركي قريش، المكذّبين رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول لهم جلّ ثناؤه: فاحذروا أيها القوم أن تسلكوا سبيلهم في تكذيب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وجحود توحيد الله، ومخالفة أمره ونهيه فيسلك بكم في تعجيل الهلاك لكم مسلَكَهم.
يقول تعالى ذكره مُسَلِّيا نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، عما كان يلقى من مشركي قومه من قريش، بإعلامه ما لقي موسى ممن أرسل إليه من التكذيب، ومخيره أنه معليه عليهم، وجاعل دائرة السَّوْء على من حادّه وشاقَّه، كسنته في موسى صلوات الله عليه، إذ أعلاه، وأهلك عدوه فرعون (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا) : يعني بأدلته. (وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ) : كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، (وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ) : أي عذر مبين، يقول: وحججه المبينة لمن يراها أنها حجة محققة ما يدعو إليه موسى (إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ) يقول: فقال هؤلاء الذين أرسل إليهم موسى لموسى: هو ساحر يسحر العصا، فيرى الناظر إليها أنها حية تسعى.
(كَذَّابٌ) يقول: يكذب على الله، ويزعم أنه أرسله إلى الناس رسولا.