للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١) } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم أنهم يقولون لمن أطعموه من أهل الفاقة والحاجة: ما نطعمكم طعاما نطلب منكم عوضا على إطعامناكم جزاء ولا شكورا، ولكنا نطعمكم رجاء منا أن يؤمننا ربنا من عقوبته في يوم شديد هوله، عظيم أمره، تعبِس فيه الوجوه من شدّة مكارهه، ويطول بلاء أهله، ويشتدّ. والقمطرير: هو الشديد، يقال: هو يوم قمطرير، أو يوم قماطر، ويوم عصيب. وعصبصب، وقد اقمطرّ اليوم يقمطرّ اقمطرارا، وذلك أشدّ الأيام وأطوله في البلاء والشدّة؛ ومنه قول بعضهم:

بني عَمّنا هَلْ تَذْكُرُونَ بَلاءَنا ... عليكُمْ إذا ما كانَ يَوْمٌ قُماطِيرُ (١)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عن معناه، فقال بعضهم: هو أن يعبِس أحدهم، فيقبض بين عينيه حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا مصعب بن سلام التميمي، عن سعيد، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قوله: (عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) قال: يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران.

حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس (يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) قال: القمطرير: المُقَبِّض بين عينيه.


(١) الخبران ١٤٢، ١٤٣- إسنادهما ضعيفان، من أجل "سفيان بن وكيع بن الجراح"، شيخ الطبري فيهما، وسفيان هذا: ضعيف، كان أبوه إمامًا حجة، وكان هو رجلا صالحًا، ولكن وراقه أفسد عليه حديثه، وأدخل عليه ما ليس من روايته. ونصحه العلماء أن يدعه فلم يفعل، فمن أجل ذلك تركوه. قال ابن حبان في كتاب المجروحين، رقم ٤٧٠ ص٢٣٨- ٢٣٩: "فمن أجل إصراره على ما قيل له استحق الترك".
وهذان الخبران، سيذكرهما الطبري في تفسير آية سورة الأعراف: ١٢٧ (٩: ١٨ بولاق) ، وهناك شيء من التحريف في أحدهما. ونقل معناهما السيوطي في الدر المنثور ٣: ١٠٧.
والقراءة الصحيحة المعروفة: {ويذرك وآلهتك} . وأما هذه القراءة "وإلاهتك"، فقد نقلها صاحب إتحاف البشر: ٢٢٩ عن ابن محيصن والحسن. ونقلها ابن خالويه في كتاب القراءات الشاذة: ٤٥ عن علي وابن مسعود وابن عباس. وذكرها أبو حيان في البحر ٤: ٣٦٧ عن هؤلاء الثلاثة "وأنس وجماعة غيرهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>