وكفرت بعيسى، وإن النصارى آمنت بعيسى، وكفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكلهم يتولى إبراهيم; قالت اليهود: هو خليل الله وهو منا، فقطع الله ولايتهم منه بعد ما أقرّوا له بالنبوّة وآمنوا به، فقال:(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ثم ألحق ولايته بكم فقال: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فهذا أجره الذي عجل له، وهي الحسنة، إذ يقول:(وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) وهو اللسان الصدق الذي سأل ربه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:(وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ) قال: اللسان الصدق: الذكر الصدق، والثناء الصالح، والذكر الصالح في الآخرين من الناس، من الأمم.
يعني إبراهيم صلوات الله عليه بقوله:(وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ) أورثني يا ربّ من منازل من هلك من أعدائك المشركين بك من الجنة، وأسكني ذلك. (وَاغْفِرْ لأبِي) يقول: واصفح لأبي عن شركه بك، ولا تعاقبه عليه (إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ) يقول: إنه كان ممن ضل عن سبيل الهدى، فكفر بك.
وقد بيَّنا المعنى الذي من أجله استغفر إبراهيم لأبيه صلوات الله عليه، واختلاف أهل العلم في ذلك، والصواب عندنا من القول فيه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله:(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) يقول: ولا تذلني بعقابك إياي يوم تبعث عبادك من قبورهم لموقف القيامة. (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ) يقول: لا تخزني يوم لا ينفع من كفر بك وعصاك في الدنيا مال كان له في الدنيا، ولا بنوه الذين كانوا له فيها، فيدفع ذلك عنه عقاب الله إذا عاقبه، ولا ينجيه منه.
وقوله:(إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) يقول: ولا تخزني يوم يبعثون، يوم لا ينفع