عن ابن عباس، قال: هم الملائكة، وإنما قال من قال: أصحاب اليمين في هذا الموضع: هم الولدان وأطفال المسلمين؛ ومن قال: هم الملائكة، لأن هؤلاء لم يكن لهم ذنوب، وقالوا: لم يكونوا ليسألوا المجرمين (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) إلا إنهم لم يقترفوا في الدنيا مآثم، ولو كانوا اقترفوها وعرفوها لم يكونوا ليسألوهم عما سلكهم في سقر، لأن كلّ من دخل من بني آدم ممن بلغ حدّ التكليف، ولزِمه فرض الأمر والنهي، قد علم أن أحدا لا يعاقب إلا على المعصية.
وقوله:(فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) يقول: أصحاب اليمين في بساتين يتساءلون عن المجرمين الذين سلكوا في سقر، أيّ شيء سلككم في سقر؟ (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يقول: قال المجرمون لهم: لم نك في الدنيا من المصلين لله (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) بخلا بما خوّلهم الله، ومنعا له من حقه.
(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) يقول: وكنا نخوض في الباطل وفيما يكرهه الله مع من يخوض فيه.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) قال: كلما غوى غاوٍ غوى معه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قوله:(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) قال: يقولون: كلما غوى غاو غوينا معه.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) } .