(٢) انظر تفسير"التمني" فيما سلف ٢: ٣٦٦. (٣) ولكن هذا باب من القول والتشهي، قد لج فيه أهل هذا الزمان، وخلطوا في فهمه خلطًا لا خلاص منه إلا بصدق النية، وبالفهم الصحيح لطبيعة هذا البشر، وبالفصل بين ما هو أمان باطلة لا أصل لها من ضرورة، وبالخروج من ربقة التقليد للأمم الغالبة، وبالتحرر من أسر الاجتماع الفاسد الذي يضطرب بالأمم اليوم اضطرابًا شديدًا. ولكن أهل ملتنا، هداهم الله وأصلح شئونهم، قد انساقوا في طريق الضلالة، وخلطوا بين ما هو إصلاح لما فسد من أمورهم بالهمة والعقل والحكمة، وبين ما هو إفساد في صورة إصلاح. وقد غلا القوم وكثرت داعيتهم من ذوي الأحقاد، الذين قاموا على صحافة زمانهم، حتى تبلبلت الألسنة، ومرجت العقول، وانزلق كثير من الناس مع هؤلاء الدعاة، حتى صرنا نجد من أهل العلم، ممن ينتسب إلى الدين، من يقول في ذلك مقالة يبرأ منها كل ذي دين. وفرق بين أن تحيي أمة رجالا ونساء حياة صحيحة سليمة من الآفات والعاهات والجهالات، وبين أن تسقط الأمة كل حاجز بين الرجال والنساء، ويصبح الأمر كله أمر أمان باطلة، تورث أهلها الحسد والبغي بغير الحق، كما قال أبو جعفر لله دره، ولله بلاؤه. فاللهم اهدنا سواء السبيل، في زمان خانت الألسنة فيه عقولها! وليحذر الذين يخالفون عن أمر الله، وعن قضائه فيهم، أن تصيبهم قارعة تذهب بما بقي من آثارهم في هذه الأرض، كما ذهبت بالذين من قبلهم.