ووصفها بالأناة والانتظار، وإذ كان ذلك كذلك، كان تأويل الكلام: وإن يوما من الأيام التي عند الله يوم القيامة، يوم واحد كألف سنة من عددكم، وليس ذلك عنده ببعيد، وهو عندكم بعيد، فلذلك لا يعجل بعقوبة من أراد عقوبته حتى يبلغ غاية مدّته.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨) }
يقول تعالى ذكره:(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا) يقول: أمهلتهم وأخَّرت عذابهم، وهم بالله مشركون، ولأمره مخالفون، وذلك كان ظلمهم الذي وصفهم الله به جلّ ثناؤه، فلم أعجل بعذابهم، (ثُمَّ أَخَذْتُهَا) يقول: ثم أخذتها بالعذاب، فعذّبتها في الدنيا بإحلال عقوبتنا بهم، (وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) يقول: وإليّ مصيرهم أيضا بعد هلاكهم، فيلقون من العذاب حينئذ ما لا انقطاع له; يقول تعالى ذكره: فكذلك حال مستعجليك بالعذاب من مشركي قومك، وإن أمليت لهم إلى آجالهم التي أجلتها لهم، فإني آخذهم بالعذاب، فقاتلهم بالسيف، ثم إليّ مصيرهم بعد ذلك فموجعهم إذن عقوبة على ما قدّموا من آثامهم.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قومك الذين يجادلونك في الله بغير علم، اتباعا منهم لكل شيطان مريد:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أنذركم عقاب الله أن ينزل بكم في الدنيا، وعذابه