للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنا سَيْفُ العَشِيرَة فاعْرِفُونِي ... حميدا قد تذريت السناما (١)

فأثبت الألف في أنا، فليس ذلك بالفصيح من الكلام، والقراءة التي هي القراءة الصحيحة عندنا ما ذكرنا عن العراقيين، وهو حذف الألف من "لكنّ" في الوصل، وإثباتها في الوقف.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا (٣٩) }

يقول عز ذكره: وهلا إذ دخلت بستانك، فأعجبك ما رأيت منه، قلت ما شاء الله كان، وفي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ظهر عليه منه، وهو جواب الجزاء، وذلك كان.

وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى الذي قلنا كانت "ما" نصبا بوقوع فعل الله عليه، وهو شاء، وجاز طرح الجواب، لأن معنى الكلام معروف، كما قيل: فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض، وترك الجواب، إذ كان مفهوما معناه، وكان بعض أهل العربية يقول "ما" من قوله: (مَا شَاءَ اللَّهُ) في موضع رفع بإضمار هو، كأنه قيل: قلت هو ما شاء الله (لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ) يقول: لا قوة على ما نحاول من طاعته إلا به.

وقوله: (إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا) وهو قول المؤمن الذي لا مال له، ولا عشيرة، مثل صاحب الجنتين وعشيرته،


(١) البيت من شواهد النحويين، على أن ثبوت ألف " أنا " في الوصل عند غير بني تميم لا يكون إلا في ضرورة الشعر. (خزانة الأدب للبغدادي ٢: ٣٩٠) ثم قال: قال ابن جني في شرح تصريف المازني: أما الألف في " أنا " في الوقف فزائدة، ليست بأصل؛ ألا ترى أنك تقول في الوصل: أن زيد، كما قال تعالى: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ تكتب بألف بعد النون، وليست الألف في اللفظ، وإنما كتبت على الوقف، فصار سقوط الألف في الوصل، كسقوط الهاء التي تلحق في الوقف لبيان الحركة في الوصل وبينت الحركة بالألف كما بينت بالهاء، لأن الهاء مجاورة للألف. اهـ. و " حميدا " بدل من الياء في اعرفوني، يروى مصغرا ومكبرا. وفي الصحاح: " جميعا في موضع " حميدا ". وتذريت السنام: علوته. ونسب ياقوت هذا البيت في حاشية الصحاح إلى حميد بن بحدل، شاعر. وهو حميد بن حريث بن بحدل، من بني كلب بن وبرة، ينتهي نسبه إلى قضاعة. وهو شاعر إسلامي، كانت عمته ميسون بنت بحدل، أم يزيد بن معاوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>