للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في موضع هو فيه مؤخرّ، وتأخيرهموه في موضع، هو مقدّم، كما قال الشاعر:

أعلامٌ يُقَلِّلُ رَاءَ رُؤْيا ... فَهْوَ يَهْذِي بِما رأى فِي المَنامِ (١)

وكما قال آبار وهي أبآر، فقدموا الهمزة، فليس ذلك هو اللغة الجُودَى، بل الأخرى هي الفصيحة.

وقوله عزّ وجلّ (وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا) يقول: وإذا مسه الشرّ والشدّة كان قنوطا من الفرج والروْح.

وبنحو الذي قلنا في اليئوس، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عليّ بن داود، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا) يقول: قَنُوطا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا) يقول: إذا مسه الشرّ أَيِس وقَنِط.

القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا (٨٤) }

يقول عزّ وجلّ لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للناس: كلكم يعمل على شاكلته: على ناحيته وطريقته (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ) هو منكم (أَهْدَى سَبِيلا) يقول: ربكم أعلم بمن هو منكم أهدى طريقا إلى الحقّ من غيره.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.


(١) هكذا جاء هذا البيت في الأصول، ولم نهتد إلى قائله بعد بحث، وهو من بحر الخفيف، وفيه تحريف في شطره الأول. ولعل الصواب في روايته هكذا: أم غلامٌ مُضلل راء رُؤْيا ... فَهْوَ يَهْذِي بِما رأى فِي المنَامِ
أما محل الشاهد في البيت فسليم، في قوله "راء" فإنه مقلوب رأى، قدمت اللام على العين، وهو في تقدير "فلع" والدليل على ذلك أن مصدر الفعلين واحد هو الرؤيا، ومثله في القلب: "ناء" ومصدرهما النأي.

<<  <  ج: ص:  >  >>