القول في تأويل قوله تعالى: {طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) }
قال أبو جعفر: وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما في ابتداء فواتح سور القرآن من حروف الهجاء، وما انتزع به كل قائل منهم لقوله ومذهبه من العلة. وقد بيَّنا الذي هو أولى بالصواب من القول فيه فيما مضى من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته، وقد ذكر عنهم من الاختلاف في قوله: طسم وطس، نظير الذي ذكر عنهم في:(الم) و (المر) و (المص) .
وقد حدثني عليّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله:(طسم) قال: فإنه قسم أقسمه الله، وهو من أسماء الله.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:(طسم) قال: اسم من أسماء القرآن.
فتأويل الكلام على قول ابن عباس والجميع: إن هذه الآيات التي أنزلتها على محمد صلى الله عليه وسلم في هذه السورة لآيات الكتاب الذي أنزلته إليه من قبلها الذي بين لمن تدبره بفهم، وفكر فيه بعقل، أنه من عند الله جلّ جلاله، لم يتخرّصه محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يتقوّله من عنده، بل أوحاه إليه ربه.
وقوله:(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يقول تعالى ذكره: لعلك يا محمد قاتل نفسك ومهلكها إن لم يؤمن قومك بك، ويصدقوك على ما جئتهم به والبخْع: هو القتل والإهلاك في كلام العرب; ومنه قول ذي الرُّمة: