أنفقوا في سبيل الله من قبل فتح الحديبية، وقاتلوا المشركين، أعظم درجة في الجنة عند الله من الذين أنفقوا من بعد ذلك وقاتلوا.
وقوله:(وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) يقول تعالى ذكره: وكلّ هؤلاء الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، والذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وعد الله الجنة بإنفاقهم في سبيله، وقتالهم أعداءه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللُّهُ الْحُسْنَى) قال: الجنة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) قال: الجنة.
وقوله:(وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يقول تعالى ذكره: والله بما تعملون من النفقة في سبيل الله، وقتال أعدائه، وغير ذلك من أعمالكم التي تعملون خبير، لا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيكم على جميع ذلك يوم القيامة.
القول في تأويل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) }
يقول تعالى ذكره: من هذا الذي ينفق في سبيل الله في الدنيا، محتسبا في نفقته، مبتغيًا ما عند الله، وذلك هو القرض الحسن، يقول: فيضاعف له ربه قرضه ذلك الذي أقرضه، بإنفاقه في سبيله، فيجعل له بالواحدة سبع مئة. وكان بعض نحوّيي البصرة يقول في قوله:(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) فهو كقول العرب: لي عندك قرض صدق، وقرض سَوْء إذا فعل به خيرا؛ وأنشد ذلك بيتا للشنفرى: