قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، أن تجعل"من" في موضع خفض، بالردِّ على"النجوى"= وتكون"النجوى" بمعنى جمع المتناجين، خرج مخرج"السكرى" و"الجرحى" و"المرضى". وذلك أن ذلك أظهر معانيه.
فيكون تأويل الكلام: لا خير في كثير من المتناجين، يا محمد، من الناس، إلا فيمن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، فإن أولئك فيهم الخير.
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ومن يشاقق الرسول"، ومن يباين الرسولَ محمدًا صلى الله عليه وسلم، معاديًا له، فيفارقه على العداوة له (١) ="من بعد ما تبين له الهدى"، يعني: من بعد ما تبين له أنه رسول الله، وأن ما جاء به من عند الله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم="ويتبع غير سبيل المؤمنين"، يقول: ويتبع طريقًا غير طريق أهل التصديق، ويسلك منهاجًا غير
(١) انظر تفسير"الشقاق" فيما سلف ٣: ١١٥، ١١٦، ٣٣٦ / ٨: ٣١٩.