للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن قتل هذه النفس (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ) يعني المشركين، كأنه أقسم بذلك.

وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "فَلا تَجْعَلْنِي ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ" كأنه على هذه القراءة دعا ربه، فقال: اللهمّ لن أكون ظهيرا ولم يستثن عليه السلام حين قال (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ) فابتلي.

وكان قَتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ) يقول: فلن أعين بعدها ظالما على فُجره، قال: وقلما قالها رجل إلا ابتُلي، قال: فابتلي كما تسمعون.

القول في تأويل قوله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) }

يقول تعالى ذكره: فأصبح موسى في مدينة فرعون خائفا من جنايته التي جناها، وقتله النفس التي قتلها أن يُؤخذ فيقتل بها (يَتَرَقَّبُ) يقول: يترقب الأخبار: أي ينتظر ما الذي يتحدّث به الناس، مما هم صانعون في أمره وأمر قتيله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا أصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم عن أبي أيوب، قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس: (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ) قال: خائفا من قتله النفس، يترقب أن يؤخذ.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ) قال: خائفا أن يُؤخذ.

وقوله: (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) يقول تعالى ذكره: فرأى موسى لما دخل المدينة على خوف مترقبا الأخبار عن أمره وأمر القتيل، فإذا الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس على الفرعونيّ يقاتله فرعونيّ آخر، فرآه الإسرائيلي فاستصرخه على الفرعونيّ. يقول: فاستغاثه أيضا على الفرعوني، وأصله من الصُّراخ، كما يقال: قال بنو فلان: يا صباحاه، قال له موسى: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) يقول جل ثناؤه: قال موسى للإسرائيلي الذي استصرخه، وقد صادف موسى نادما على ما سلف منه من قتله بالأمس

<<  <  ج: ص:  >  >>