للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القتيل، وهو يستصرخه اليوم على آخر: إنك أيها المستصرخ لغويّ: يقول: إنك لذو غواية، مبين. يقول: قد تبينت غوايتك بقتالك أمس رجلا واليوم آخر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني العباس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا أصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس، قال: أتي فرعون، فقيل له: إن بني إسرائيل قد قتلوا رجلا من آل فرعون، فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم في ذلك، قال: ابغوني (١) قاتله ومن يشهد عليه، لا يستقيم أن نقضي بغير بينة ولا ثَبَت (٢) فاطلبوا ذلك، فبينما هم يطوفون لا يجدون شيئا، إذ مرّ موسى من الغد، فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعونيّ، فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس، وكره الذي رأى، فغضب موسى، فمد يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) ، فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعد ما قال هذا، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس إذ قتل فيه الفرعوني، فخاف أن يكون بعد ما قال له: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) إياه أراد، ولم يكن أراده، إنما أراد الفرعوني، فخاف الإسرائيلي فحاجّه، فقال (يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ) ؟ وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله، فتتاركا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قَتادة: (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) قال: الاستنصار والاستصراخ واحد.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) يقول: يستغيثه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قتل موسى القتيل، خرج فلحق بمنزله من مصر، وتحدّث الناس بشأنه، وقيل: قتل موسى رجلا حتى انتهى ذلك إلى فرعون، فأصبح موسى غاديا الغَد، وإذا صاحبه بالأمس معانق رجلا آخر من عدوّه، فقال له موسى: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) أمس رجلا واليوم آخر؟.


(١) ابغوني قاتله: هاتوا لي قاتله.
(٢) في (اللسان: ثبت) الثبت: بالتحريك: الحجة والبينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>