وقوله:(وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) يقول تعالى ذكره: وهو العزيز في انتقامه من أعدائه، الحكيم في تدبيره خلقه، وتصريفهم فيما أراد من إحياء وإماتة، وبعث ونشر، وما شاء.
يقول تعالى ذكره: مثل لكم أيها القوم ربكم مثلا من أنفسكم، (هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) يقول: من مماليككم من شركاء، فيما رزقناكم من مال، فأنتم فيه سواء وهم. يقول: فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها لي شركاء في عبادتكم إياي، وأنتم وهم عبيدي ومماليكي، وأنا مالك جميعكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله:(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ) قال: مثل ضربه الله لمن عدل به شيئا من خلقه، يقول: أكان أحدكم مشاركا مملوكه في فراشه وزوجته؟! فكذلكم الله لا يرضى أن يعدل به أحد من خلقه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ) قال: هل تجد أحدا يجعل عبده هكذا في ماله، فكيف تعمد أنت وأنت تشهد أنهم عبيدي وخلقي، وتجعل لهم نصيبا في عبادتي، كيف يكون هذا؟ قال: وهذا مثل ضربه الله لهم، وقرأ:(كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:(تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) فقال بعضهم: معنى ذلك: تخافون هؤلاء الشركاء، مما ملكت أيمانكم، أن يرثوكم أموالكم من بعد وفاتكم، كما يرث بعضكم بعضا.