لأمرهم، ويدينون لهم، والعرب تسمي كل من دان لملك: عابدا له. ومن ذلك قيل لأهل الحيرة: العباد؛ لأنهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قال فرعون: (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا) . .. الآية، نذهب نرفعهم فوقنا ونكون تحتهم، ونحن اليوم فوقهم وهم تحتنا، كيف نصنع ذلك، وذلك حين أتوهم بالرسالة، وقرأ:(وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأرْضِ) قال: العلوّ في الأرض.
وقوله:(فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) يقول: فكذّب فرعون وملؤه موسى وهارون، فكانوا ممن أهلَكَهم الله كما أهلك من قبلهم من الأمم بتكذيبها رسلها.
يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى التوراة ليهتدي بها قومه من بني إسرائيل، ويعملوا بما فيها، (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ) يقول: وجعلنا ابن مريم وأمه حجة لنا على من كان بينهم، وعلى قدرتنا على إنشاء الأجسام من غير أصل، كما أنشأنا خلق عيسى من غير أب.
كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرازق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن قَتادة، في قوله:(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ) قال: ولدته من غير أب هو له، ولذلك وحدت الآية، وقد ذكر مريم وابنها.
وقوله (وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ) يقول: وضممناهما وصيرناهما إلى ربوة، يقال: أوى فلان إلى موضع كذا، فهو يأوي إليه، إذا صار إليه; وعلى مثال أفعلته فهو يُؤْويه. وقوله (إِلَى رَبْوَةٍ) يعني: إلى مكان مرتفع من الأرض على ما حوله، ولذلك قيل للرجل، يكون في رفعة من قومه، وعزّ وشرف وعدد: هو في ربوة من قومه، وفيها لغتان: ضمّ الراء وكسرها إذا أريد بها الاسم، وإذا أريد بها الفعلة من المصدر قيل: