فقرأته عامة الكوفيين:(يَضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) بمعنى: يضل الله بالنسيء الذي ابتدعوه وأحدثوه، الذين كفروا.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيين:(يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا) ، بمعنى: يزول عن محجة الله التي جعلها لعباده طريقًا يسلكونه إلى مرضاته، الذين كفروا.
* * *
وقد حكي عن الحسن البصري:(يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا) ، بمعنى: يضل بالنسيء الذي سنه الذين كفروا، الناسَ.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هما قراءتان مشهورتان، قد قرأت بكل واحدةٍ القرأة أهل العلم بالقرآن والمعرفة به، وهما متقاربتا المعنى. لأن من أضله الله فهو "ضال"، ومن ضل فبإضلال الله إياه وخذلانه له ضلّ. فبأيتهما قرأ القارئ فهو للصواب في ذلك مصيبٌ.
* * *
وأما الصواب من القراءة في "النسيء"، فالهمزة، وقراءته على تقدير "فعيل" لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار التي لا يجوز خلافها فيما أجمعت عليه.
* * *
وأما قوله:(يحلونه عامًا) ، فإن معناه: يُحلُّ الذين كفروا النسيء = و"الهاء" في قوله: (يحلونه) ، عائدة عليه.
ومعنى الكلام: يحلُّون الذي أخَّروا تحريمه من الأشهر الأربعة الحرم، عامًا = (ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله) ، يقول: ليوافقوا بتحليلهم ما حلَّلوا من الشهور، وتحريمهم ما حرموا منها، عدّة ما حرّم الله (١) = (فيحلوا ما حرّم الله زُيِّن لهم سوء أعمالهم) ، يقول: حُسِّن لهم وحُبِّب إليهم سيئ أعمالهم وقبيحها،