للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:"وسعة"، فإنه يحتمل السِّعة في أمر دينهم بمكة، (١) وذلك منعُهم إياهم -كان- من إظهار دينهم وعبادة ربهم علانية. (٢)

* * *

ثم أخبر جل ثناؤه عمن خرج مهاجرًا من أرض الشرك فارًّا بدينه إلى الله وإلى رسوله، إن أدركته منيَّته قبل بلوغه أرضَ الإسلام ودارَ الهجرة فقال: من كان كذلك="فقد وقع أجرُه على الله"، وذلك ثوابُ عمله وجزاءُ هجرته وفراق وطنه وعشيرته إلى دار الإسلام وأهل دينه. (٣) يقول جل ثناؤه: ومن يخرج مهاجرًا من داره إلى الله وإلى رسوله، فقد استوجب ثواب هجرته= إن لم يبلغ دارَ هجرته باخترام المنية إيّاه قبل بلوغه إياها (٤) = على ربه="وكان الله غفورًا رحيمًا"، يقول: ولم يزل الله تعالى ذكره="غفورًا" يعني: ساترًا ذنوب عبادهِ المؤمنين بالعفو لهم عن العقوبة عليها="رحيمًا"، بهم رفيقًا. (٥)

* * *

وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب بعض من كان مقيمًا بمكة وهو مسلم،


(١) هكذا جاءت هذه العبارة في المطبوعة والمخطوطة، وهي غير مستقيمة. وظني أنه سقط من الناسخ شيء من كلام أبي جعفر، ولعله يكون هكذا:
"وقوله: "وسعة"، فإنه يحتمل السَّعةَ في الرِّزق، ويحتمل السعة في أمر دينهم، من ضيعتهم في أرض أهل الشرك بمكة، وذلك منعهم...."
فقوله: "وذلك منعهم"، تفسير"الضيق"، كما هو ظاهر من تأويل أبي جعفر. وانظر ما سيأتي في تأويل معنى"السعة" ص: ١٢٢.
(٢) في المطبوعة. أسقط قوله: "كان" الموضوعة هنا بين الخطين، لظن الناشر أنها خطأ وزيادة. وهو كلام عربي محكم، يضعون"كان" هذا الموضع للدلالة على الماضي، فكأنه قال: "وهو ما كان من منعهم إياهم"، ولكن الناشر أخطأ معرفة معناه، فحذف"كان"، فأساء.
(٣) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف ص: ٩٨، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٤) "اخترمته المنية": أخذته من بين أصحابه وقطعته منهم. من"الخرم" وهو الشق والفصم، يقال: "ما خرمت منه شيئا" أي: ما نقصت وما قطعت.
(٥) انظر تفسير"كان"، و"غفور"، و"رحيم" في مواضعها من فهارس اللغة في الأجزاء السالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>