للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله جل وعز أنه أخذ ميثاقهم، ليبين للناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يكتمونه، لأن قوله:"لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا" الآية، في سياق الخبر عنهم، وهو شبيه بقصتهم مع اتفاق أهل التأويل على أنهم المعنيون بذلك.

فإذْ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: لا تحسبن، يا محمد، الذين يفرحون بما أتوا من كتمانهم الناسَ أمرك، وأنك لي رسول مرسل بالحق، وهم يجدونك مكتوبًا عندهم في كتبهم، وقد أخذت عليهم الميثاق بالإقرار بنبوتك، وبيان أمرك للناس، وأن لا يكتموهم ذلك، وهم مع نقضهم ميثاقي الذي أخذت عليهم بذلك، يفرحون بمعصيتهم إياي في ذلك، ومخالفتهم أمري، ويحبون أن يحمدهم الناس بأنهم أهل طاعة لله وعبادة وصلاة وصوم، واتباع لوحيه وتنزيله الذي أنزله على أنبيائه، وهم من ذلك أبرياء أخلياء، لتكذيبهم رسوله، ونقضهم ميثاقه الذي أخذ عليهم، لم يفعلوا شيئًا مما يحبون أن يحمدهم الناس عليه="فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم".

* * *

وقوله:"فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب"، فلا تظنهم بمنجاة من عذاب الله الذي أعده لأعدائه في الدنيا، (١) من الخسف والمسخ والرجف والقتل، وما أشبه ذلك من عقاب الله، ولا هم ببعيد منه، (٢) كما:-

٨٣٥٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب"، قال: بمنجاة من العذاب.

* * *

قال أبو جعفر:"ولهم عذاب أليم"، يقول: ولهم عذابٌ في الآخرة أيضًا مؤلم، مع الذي لهم في الدنيا معجل. (٣)

* * *


(١) انظر تفسير"فاز" فيما سلف قريبا ص: ٤٥٢.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٠.
(٣) أخشى أن يكون صواب العبارة: "ولهم عذاب مؤلم في الآخرة أيضا مؤجل، مع الذي لهم في الدنيا معجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>