العرب سماعا:"أنظرني أكلمك"، وذكر سامع ذلك من بعضهم أنه استثبته في معناه، فأخبره أنه أراد أمهلني. فإن يكن ذلك صحيحا عنهم"فانظرنا" و"أنظرنا" - بقطع"الألف" ووصلها - متقاربا المعني. غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن القراءة التي لا أستجيز غيرها، قراءة من قرأ:(وقولوا انظرنا) ، بوصل"الألف" بمعنى: انتظرنا، لإجماع الحجة على تصويبها، ورفضهم غيرها من القراآت.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى {وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) }
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (واسمعوا) ، واسمعوا ما يقال لكم ويتلى عليكم من كتاب ربكم، وعُوه وافهموه، كما:-
١٧٤٤ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(واسمعوا) ، اسمعوا ما يقال لكم.
* * *
فمعنى الآية إذًا: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا لنبيكم: راعنا سمعك وفرغه لنا نفهمك وتفهم عنا ما نقول. ولكن قولوا: انتظرنا وترقبنا حتى نفهم عنك ما تعلمنا وتبينه لنا. واسمعوا منه ما يقول لكم، فعوه واحفظوه وافهموه. ثم أخبرهم جل ثناؤه أن لمن جحد منهم ومن غيرهم آياته، وخالف أمره ونهيه، وكذب رسوله، العذاب الموجع في الآخرة، فقال: وللكافرين بي وبرسولي عذاب أليم. يعني بقوله:"الأليم"، الموجع. وقد ذكرنا الدلالة على ذلك فيما مضى قبل، وما فيه من الآثار. (١)