قال: قال مجاهد (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا) قال: واديا في النار.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى "ح"، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا) قال: واديا في جهنم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا يزيد بن درهم، قال: سمعت أنس بن مالك يقول في قول الله عزّ وجلّ (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا) قال: واد في جهنم من قيح ودم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، القول الذي ذكرناه عن ابن عباس، ومن وافقه في تأويل الموبق: أنه المهلك، وذلك أن العرب تقول في كلامها: قد أوبقت فلانا: إذا أهلكته، ومنه قول الله عز وجل:(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا) بمعنى: يهلكهن. ويقال للمهلك نفسه: قد وبق فلان فهو يوبق وبقا. ولغة بني عامر: يابق بغير همز. وحُكي عن تميم أنها تقول: ييبق. وقد حُكي وبق يبق وبوقا، حكاها الكسائي. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: الموبق: الوعد، ويستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر:
ويتأوّله بموعد، وجائز أن يكون ذلك المهلك الذي جعل الله جلّ ثناؤه بين هؤلاء المشركين، هو الوادي الذي ذكر عن عبد الله بن عمرو، وجائز أن يكون
(١) البيت في (اللسان: وبق) قال: وبق الرجل يبق وبقا ووبوقا (من باب ضرب) ووبق (من باب حسب) وبقا، واستوبق هلك. وأوبقه هو. والموبق: مفعل (بكر العين) منه، كالموعد مفعل من وعد يعد. ومنه قوله تعالى: " وجعلنا بينهم موبقا " قال الفراء: يقول جعلنا تواصلهم في الدنيا موبقا: أي مهلكا لهم في الآخرة. وقال ابن الأعرابي: موبقا: أي حاجزا، وكل حاجز بين شيئين فهو موبق. وقال أبو عبيدة:الموبق: الموعد، في قوله " وجعلنا بينهم موبقا " واحتج بقوله " وحاد شرورى ... " البيت معناه: بموعد. وحاد شرورى: نأى عنها وهي جبل بين العمق والمعدن، في طريق مكة إلى الكوفة، بين بني أسد وبني عامر، والستار، جبل بالحجاز معروف، أسفل من النباج، وتعار: جبل أيضا، ببلاد قيس.