حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن الضريس، قال: ثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، في قوله:(لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) قال: طنجة.
وقوله:(أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) يقول: أو أسير زمانا ودهرا، وهو واحد، ويجمع كثيره وقليله: أحقاب وقد تقول العرب: كنت عنده حقبة من الدهر: ويجمعونها حُقبا. وكان بعض أهل العربية يوجه تأويل قوله (لا أَبْرَحُ) : أي لا أزول، ويستشهد لقوله ذلك ببيت الفرزدق:
وذكر بعض أهل العلم بكلام العرب، أن الحقب في لغة قيس: سنة، فأما أهل التأويل فإنهم يقولون في ذلك ما أنا ذاكره، وهو أنهم اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو ثمانون سنة.
* ذكر من قال ذلك: حُدثت عن هشيم، قال: ثنا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو، قال: الحقب: ثمانون سنة.
وقال آخرون: هو سبعون سنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) قال: سبعين خريفا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وقال آخرون في ذلك، بنحو الذي قلنا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني
(١) البيت في ديوان الفرزدق طبعة الصاوي ص ٧٧٣ من مقطوعة يمدح بها عبد الله بن عبد الأعلى الشيباني، عدتها تسعة أبيات. والواو في برحوا عائدة على بني تميم الذين فخر بأعمالهم في يوم ذي قار؛ والعياب: جمع عيبة، وهي الحقيبة، اللطائم: جمع لطيمة، وهي الإبل يحمل عليها البر والطيب خاصة. والبيت شاهد على أن بعض أهل العربية يوجه تأويل قوله (لا أبرح) أي لا أزال.