كذا، وحملوا معهم كذا من الزاد، وإنما حمله أحدهما ولكنه لما كان ذلك عن رأيهم وأمرهم أضيف ذلك إلى جميعهم، فكذلك إذا نسيه حامله في موضع قيل: نسي القوم زادهم، فأضيف ذلك إلى الجميع بنسيان حامله ذلك، فيجرى الكلام على الجميع، والفعل من واحد، فكذلك ذلك في قوله:(نَسِيَا حُوتَهُمَا) لأن الله عزّ ذكره خاطب العرب بلغتها، وما يتعارفونه بينهم من الكلام.
وأما قوله:(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) فإن القول في ذلك عندنا بخلاف ما قال فيه، وسنبينه إن شاء الله تعالى إذا انتهينا إليه.
وأما قوله:(فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) فإنه يعني أن الحوت اتخذ طريقه الذي سلكه في البحر سربا.
كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) قال: الحوت اتخذ. ويعني بالسرب: المسلك والمذهب، يسرب فيه: يذهب فيه ويسلكه.
ثم اختلف أهل العلم في صفة اتخاذه سبيله في البحر سربا، فقال بعضهم: صار طريقه الذي يسلك فيه كالجحر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، قوله (سَرَبا) قال: أثره كأنه جحر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر حديث ذلك: "ما انجابَ ماءٌ مُنْذُ كانَ النَّاسُ غيرُهُ ثَبَتَ مَكانُ الحُوتِ الَّذِي فِيهِ (١)
فانْجابَ كالكُوّةِ حتى رَجَعَ إلَيْهِ مُوسَى، فَرأى مَسْلَكَهُ، فقالَ: ذلك ما كُنَّا نَبْغي".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ
(١) كذا في الأصل، والذي في الدر هكذا: غير بيت ماء كان الحوت دخل منه. . . إلخ. وفي تفسير ابن كثير، غير مسير مكان الحوت إلخ.