النَّاس أعْلَمُ؟ فَقالَ: أنا، فعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ، فقالَ: بَلَى عَبْدٌ لي عِنْدَ مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، فَقالَ: يا رَبّ كَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ: تَأْخُذُ حُوتا، فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ قالَ لِفَتاهُ: إذَا فَقَدْتَ هَذَا الحُوتَ فَأَخْبِرْنِي، فانْطَلَقَا يَمْشيانِ عَلى ساحِلِ البَحْرِ حتى أتَيا صَخْرَةً، فَرَقَدَ مُوسَى، فاضْطَرَبَ الحُوتُ فِي المِكْتَلِ، فَخَرَجَ فَوَقَعَ فِي البَحْرِ، فأمْسَكَ اللهُ عَنْهُ جرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَصَارَ للْحُوتِ سَرَبا وكانَ لَهُما عَجَبا، ثُمَّ انْطَلَقا، فَلَمَّا كانَ حِينَ الغَدِ، قالَ مُوسَى لِفَتاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، قال: وَلمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حتى جاوَزَ حَيْثُ أمَرَهُ اللهُ قالَ: فَقالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قال: فقال: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا.
قال: يَقُصَّانِ آثارَهما، قال: فآتيَا الصَّخْرَةَ، فإذَا رَجُلٌ نائمٌ مُسَجًى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَقالَ: وأنَّي بأرْضِنَا السَّلامُ؟ فَقالَ: أنا مُوسَى، قال: مُوسَى بَنِي إسْرائِيلَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: يا مُوسَى، إنّي عَلى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ الله؛ عَلَّمَنِيهِ اللهُ لا تعْلَمُهُ، وأنْتَ عَلى عِلْمٍ من عِلْمِهِ عَلَّمَكَهُ لا أعْلَمُهُ، قالَ: فإنّي أتَّبِعُكَ عَلى أنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا، قال: فإنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسألْنِي عَنْ شَيْءٍ حتى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فانْطَلَقا يَمْشِيان عَلى السَّاحِل، فَعُرِفَ الخَضِرُ، فَحُمِلَ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلى حَرْفِها فنَقَرَ، أو فَنَقَر فِي المَاءِ، فَقالَ الخَضِرُ لِمُوسَى: ما نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إلا مِقْدَارَ ما نَقَرَ أوْ نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ مِنَ البَحْرِ". أبو جعفر الطبري يشكّ، وهو في كتابه نَقَر، قال: "فَبَيْنَما هُوَ إذْ لَمْ يَفْجَأهُ مُوسَى إلا وَهُوَ يَتِدُ وَتدًا أوْ يَنزعُ تَخْتا مِنْها، فَقالَ لَهُ مُوسَى: حُمِلْنا بغَيرِ نَوْلٍ وتخْرِقُها لِتُغْرِقَ أهْلَها؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إمْرًا، قال: ألَمْ أقُل إنَّكَ لَنْ تَسْتطَيعَ مَعِي صَبْرًا، قالَ: لا تُؤَاخِذْني بِمَا نَسيتُ، قالَ: وكانَتِ الأوَلى منْ مُوسَى نِسْيانا، قالَ: ثُمَّ خَرَجا فانْطَلَقا يَمْشِيانِ، فَأبْصَرَا غُلاما يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأخَذَ برأْسه فَقَتَلَهُ، فَقالَ لَهُ مُوسَى: أقَتَلْتَ نَفْسا زَكِيَّهً بِغَيْرِ نَفْسٍ، لَقَدْ جِئْتَ شيئًا نُكْرًا، قالَ: ألَمْ أقُلْ لَك إنَّكَ لَنْ تسْتَطِيعَ مَعِي صَبرًا؟ قال: إنْ سألْتُكُ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصَاحِبْي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute