حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) قال: خشيت أن يكون إنما يريدها على نفسها.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) فلما رأته فزعت منه وقالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) فقالت: إني أعوذ أيها الرجل بالرحمن منك، تقول: أستجير بالرحمن منك أن تنال مني ما حرّمه عليك إن كنت ذا تقوى له تتقي محارمه، وتجتنب معاصيه; لأن من كان لله تقيا، فإنه يجتنب ذلك. ولو وجه ذلك إلى أنها عَنَت: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تتقي الله في استجارتي واستعاذتي به منك كان وجها.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) ولا ترى إلا أنه رجل من بني آدم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر، عن عاصم، قال: قال ابن زيد: وذكر قَصَص مريم فقال: قد علمت أن التقيّ ذو نُهية حين قالت (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) . يقول تعالى ذكره: فقال لها روحنا: إنما أنا رسول ربك يا مريم أرسلني إليك (لأهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا)
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الحجاز والعراق غير أبي عمرو (لأهَبَ لَكِ) بمعنى: إنما أنا رسول ربك: يقول: أرسلني إليك لأهب لك (غُلامًا زَكِيًّا) على الحكاية، وقرأ ذلك أبو عمرو بن العلاء (ليهب لك غلامًا زكيا) بمعنى: إنما أنا رسول ربك أرسلني إليك ليهب الله لك غلاما زكيا.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك، ما عليه قرّاء الأمصار، وهو (لأهَبَ لَكِ) بالألف دون الياء، لأن ذلك كذلك في مصاحف المسلمين، وعليه قراءة قديمهم وحديثهم، غير أبي عمرو، وغير جائز خلافهم فيما أجمعوا عليه، ولا سائغ لأحد خلاف مصاحفهم، والغلام الزكيّ: هو الطاهر من الذنوب وكذلك تقول العرب: غلام زاكٍ وزكيّ، وعال وعليّ.